وصف
قد يبدو للقارئ في بدء الأمر أن ترتيب هذه المقالات اعتباطي لا يخضع لقاعدة واضحة، ولا يحترم تسلسلا منطقيا محددا، غير أنه ليس كذلك بالنسبة لي، وأنا الذي عشتُ كل مرحلة من مراحل كتابة هذه المقالات، وعرفتُ ظروفها وسياقاتها، وتحوي معاني تشكلت ببواطني وترعرعت تحت عنايتي.
إن هذا الكتاب لا أُعيد قراءته إلا ويتكشف لي بالطريقة ذاتها التي هو عليه الآن، ذلك أنه يشبه واقعنا جميعا، الذي قد يبدو أنه غير منظم أو متسلسل، لكنه يكشف لنا كل يوم عن هدفٍ يتجلى ببطء وتدرُّج، ونحن نقترب منه ونفهمه بالطريقة ذاتها، حتى نصل إلى فهم أعمق لذواتنا وواقعنا، إذا نحن أُمهِلنا وأُنسِئنا في العمر حتى نصل إلى ذلك. وأنت مدعوٌّ عزيزي القارئ لتكون صبورا في قراءته حتى تأتي عليه بتمامه، لأن هذا التكشُّف لا يظهر جليا إلا بقراءة آخر مقالة منه.